ولد علي نصوح الطاهر في مدينة يافا 1906 ميلادية، وكان والده من كبار التجار فيها. اضطر للهجرة إلى مصر عام 1912 م على اثر أزمة مالية شديدة، مصطحباً زوجاته الثلاثة وأولاده السبعة. استقر بهم المقام في القاهرة حيث أتم نصوح دراسته الابتدائية والثانوية. وفي سن السادسة عشرة ألتحق بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ولكنه لم يستمر فيها طويلاً.
ولد علي نصوح الطاهر في مدينة يافا 1906 ميلادية، وكان والده من كبار التجار فيها. اضطر للهجرة إلى مصر عام 1912 م على اثر أزمة مالية شديدة، مصطحباً زوجاته الثلاثة وأولاده السبعة. استقر بهم المقام في القاهرة حيث أتم نصوح دراسته الابتدائية والثانوية. وفي سن السادسة عشرة ألتحق بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ولكنه لم يستمر فيها طويلاً.
لظروف خاصة اضطر لمصاحبة والدته في العودة إلى مدينة نابلس بفلسطين، حيث عمل مدرساً. وفي سنة 1925 م عمت الاضطرابات الوطن الفلسطيني بسبب زيارة اللورد بلفور. دعا نصوح الأساتذة والطلبة للمشاركة في الإضراب، مما أدى إلى فصله من العمل.
اقتنع بضرورة مقاومة الزحف الاستعماري اليهودي على فلسطين، بنفس الوسيلة التي كانوا يتبعونها، وهي بإقامة المستعمرات الزراعية. نشر الفكرة بين أصدقائه، وتقبلها سبعة منهم، فسافروا جميعاً إلى فرنسا لدراسة الزراعة فيها. حصل هو على دبلوم الزراعة العالي من جامعة نانسي ثم التحق بكلية العلوم بجامعة السوريون للحصول على الدكتوراه.
وفي عام 1931م عاد إلى مصر حيث حصل واخوته على الجنسية المصرية. ثم رجع إلى فلسطين حيث بدأ حياته العلمية باستئجار قطعة أرض، وأخذ يزاول الفلاحة بيديه. ذاع صيته في المنطقة، ووصلت أخباره إلى مسامع الإدارة الزراعية الإنجليزية ففاوضته على العمل مسؤولاً عن المناطق الجبلية في فلسطين، ثم عيّن مديراً لأول مستنبت حكومي، حيث بهر بنجاحه كبار المسؤولين الإنجليز. فقد كان ينظر للأمر على أن اختياره لأداء تلك المهام، يشكل تحدياً قومياً بالنسبة له. أحب شجرة الزيتون وبدأ في تأليف كتابه الموسوعي عنها، وقد أتمه وطبعه بعد انتقاله للأردن حيث قبل عرضاً من الحكومة الأردن للعمل مديراً عاماً للزراعة.أحبه سمو الأمير عبد الله بن الحسين أمير البلاد آنذاك ( الملك فيما بعد )، وتكررت بينهما لقاءات، كانا يتجاذبان خلالها أطراف الحديث ويتطارحان قرض الشعر ويلعبان الشطرنج، الذي أضاف إليه سنة 1946م ( بعد انتهاء الحرب العالمية ) دبابتين حيث لاحظ انتصار الالمان في المعركة الفلاندرز بفضل تفوقهم في الدبابات. ثم أضاف قاذفتي قنابل، حيث أن سلاح الطيران قد رجح كفة الحرب، وتبعاً لذلك أضاف أربعة مربعات جديدة فأصبحت الرقعة ذات 144 مربعاً ( 12×12 ) ثم أضاف القنبلة الذرية، ولذا سمّي الشطرنج الذري. وقد لاقى صدى طيباً في انجلترا، حين زارها وألقى محاضرات عنه.
شكل انتقاله للعمل بالأردن عام 1946م خسارة مادية شخصية له، إذ رفضت حكومة فلسطين الإنجليزية انتدابه للعمل بالأردن وأصرت على استقالته. ففقد بذلك مدة خدمة 14 سنة، أثرت على مسار حياته المادية في المستقبل بعد إحالته على التقاعد.
كانت ميزانية الزراعة في الأردن هزيلة جداً، وعدد موظفيها حوالي ثمانية أفراد، والنظام الإداري بدائياً. وبالجملة كان على هذا المدير الجديد أن يبدأ من الصفر. وبعد دراسة لأحوال الزراعة قرر بدء النشاط بإقامة مستنبت للكرمة في جرش، وعندما نجح في ذلك توالت إقامة المستنبتات في جميع أنحاء البلاد. كما حقق نجاحاً باهراً في الإكثار من زراعة الفاكهة والزيتون، وتحسين محصول القمح، وكافح طويلاً حتى استطاع نشر المدارس الزراعية في طوال البلاد وعرضها. لقد حقق طفرة زراعية كبيرة في الأردن ووضع أساساً فنياً لعمل مستقبلي تنهض به الأجيال الجديدة من الشباب. ومن أهم انجازاته إنشاء مستنبت الجبيهة الذي كان يضم مئات الأشجار المثمرة والحرجية على مساحة ألف دونم، والتي اتخذت مكاناً لانشاء الجامعة الأردنية عام 1962م.
تولى نصوح منصب وزير الزراعة ثلاث مرات ومنصب نائب رئيس الوزراء للإعمار ثم عين سفيراً للمملكة الأردنية لدى إيران وأفغانستان. وأحيل على التقاعد بنهاية عام 1967م.
أقام في عمان فترة قصيرة، لكن تكاليف المعيشة كانت أكبر من راتبه التقاعدي، مما اضطره للعودة إلى القاهرة، وبيع سيارته حتى يخفض من نفقاته، عاش منكباً على مؤلفاته، وأصبح منزله ملتقى زوار القاهرة من أصدقائه في العالم العربي.
تميّز علي نصوح بالانطلاق الفكري الحر المدعم بقدرة فائقة على استكشاف مكنون الكلمات وسبر أغوار الأحداث. فخرج علينا أول ما خرج بكشفه الرائع عن مدلول الأحرف المقطعة في القرآن الكريم في كتابه ( أوائل السور )، ثم تفرغ في السنوات الأخيرة من حياته، لكتابة تفسير القرآن في كتابه الموسوعي ( القرآن كما فهمته ).
انشغل كثيراً بقضايا أمته العربية وحمل همومها، وكتب عن القومية العربية – الطريق للوحدة العربية، الاستيطان اليهودي - وغير ذلك من الخواطر والتعليقات السياسية. ومن أهم تلك الخواطر حول ( اليقظة العربية ) في 89 صفحة ( لم يطلع عليه أحد بعد ). كما قدم لنا كتابه ( مجامع النسب في قبائل العرب ).
كان يكتب الشعر ويقفيه ويناظر به محبيه، وترك لنا من بعده كتابه ( ذكريات أدبية ) وكتابه الفلسفي ( الروح الخالدة ) في الرد على ألفية ابن سينا.
أهدى نصوح مكتبته إلى مجمع اللغة العربية قي عمان وكانت تحتوي على نفائس من الأسفار النادرة من المراجع التلمودية والتوراتية والإنجيلية، وتراجم القرآن الكريم بالإنجليزية والفرنسية والإسبانية، فضلاً عن المراجع الإسلامية باللغة العربية والأجنبية، ومن أهم ما تم إهداؤه كتاب عن سيدنا محمد بالإنجليزية يحوي رسوماً لرينيه المستشرق الفرنسي المسلم، كذلك نسخة نادرة ضخمة مصورة من الكتاب المقدس وهي من أثمن النسخ القديمة. كما ضمت أوراقه الخاصة، وفيها كثير من المكاتبات الرسمية والخصوصية الهامة. أما المكتبة الزراعية فتحوي الكثير من الكتب الثمينة باللغة الفرنسية وأهمها انسيكلوبيديا العنب في سبع مجلدات نادرة.
حصل نصوح على عدة أوسمة من الأردن وفرنسا وألمانيا وإيران. وقد أحب في حياته الرحلات وتسلق الجبال وركوب الخيل، وأجاد لعبة الشطرنج والتنس والبلياردو. ولم يذق طعم الخمر ولا دخن سيجارة واحدة في حياته.
توفي بهدوء إثر أزمة قلبية عام 1982م وسجى جثمانه للصلاة عليه في ظلال شجرة الموالح التي أحبها، ودفن في مقبرة العائلة بمدينة نصر بالقاهرة، رحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته.