نداء الفطرة
هذا نداءٌ لمن حجبتهم ظلمات الغفلة والاستكبار، عن واهب
النّعم والأنوار، فشقوا بالكفر والإلحاد، أو بالمعاصي التي تطمس بصيرة
الفؤاد.
***
من أوجدكْ ؟
من صوَّرك ْ؟
من صاغ أصلكَ من ثَرَى ؟
قد كنتَ في جوفِ الحشايا نُطفةً
من زانَ شأنك في الوَرَى ؟
من شقَّ سمعكَ سامعا ؟
يا جاحدا
من صاغَ عينَك كي ترى؟
مـن سـخَّر الأكوانَ لكْ فالنَّجمُ يَخدمُ في السُّرَى
الـشَّـمسُ ترسلُ دفأها
تَـهـدي الشَّعاعَ الأنوَرَ
والـمـاءُ يـنزلُ رحمةً
يُـحـيِ التُّرابَ الأعْفَرَ
يـهـتـزُّ حـيـاًّ رابيا
يُـعطي النَّباتَ الأخضر
مـن ذا الذي يرعاكَ في
سعي المعيشة والكرى ؟
إن قـلـت ربِّيَ صادقاً
كـن طـائعاً كي تشكُر
أَدِّ الـعـبـادةَ راضـيا
وارحمْ وأحسنْ في الوَرَى
إن تُـهـت َعنه عاصيا
بَـادِرْ لـنـيـلِ المَغفِرَه
أمـا دعـاكَ إلى الهُدَى
حُـسْـنُ اللَّيالي المُقْمِرَهْ؟
حُـسـنُ الطُّيورالشَّاديَه
بـين الجِنانِ المُزهِرهْ؟
حُـسـنُ السُّيولِ الجاريَهْ
بـين التِّلالِ المُخْضِره؟
حُـسـنُ البحار الهادرهِ
أو الـصَّحاري المُقْفِرَه؟
أمـا زجـاكَ إلى الهُدى
وَقْـعُ الـزَّلازلِ مُنذِرَه؟
وقع العواصفِ إن سَطَتْ
تَـلْـوي القِلاعَ مُزمْجِرَه
هـوْلُ الـبـراكين التي
تُـبـدي الـجحيمِ مُذكِّرَهْ
هـوْلُ السُّيولِ إذا طَغتْ
تَـرْمـي البيوتَ مُدَمِّرهْ
هـا أنـت تـلعبُ غافلا
مُـسـتـهـزئاً مُستهترَا
خـدَّرت عـقلكَ بالهوى
أو بـالأمـورِ الـمُسكِرَهْ
إذا غَـوَتْـكَ بَـهـارِج
فَـصْـلُ الـنِّهايةِ مَقْبرَهْ
ثـمَّ انـبـعاثٌ للحسابِ
ولـلجزاءِ ... أما تَرَى؟
إنَّ الــدَّلائـل جَـمَّـة
قـمْ نـاظـراً مُـتفكِّرا
اسـمـعْ وفـكِّرْ لا تكنْ
رُغـمَ الـحـقائقِ حائِراً
إن تُـبـتَ تَخلُدُ شامخا
أو تُـهْـتَ تبقى مَسْخَرَهْ
-----