عواطف وأشجان في رحاب الإيمان
***
أيا عالقاً في الأرض بين المضاربِ ... زَجاهُ التُّقى والحبُّ نحو المضاربِ
سقاه الزَّمانُ الفظُّ كأس مرارةٍ ... فشطَّ المَذَاقُ المُرُّ نحو الحبائبِ
فأضناهُ أنَّ الضرَّ طالَ حبيبَه ... وأشقاه أن يشقى بوقع المصائبِ
وأضناه أنَّ البُؤسَ يجرف أهلهُ ... ويرمي فؤاد الحرِّ بين المعاطبِ
وأضناه خوفُ الظلم حُباًّ وغيرةً ... وأضناه رغم الإلفِ خوفُ العواقبِ
ولكنَّ هذا الدَّهرَ شأنه فتنةٌ ... لذا يألفُ الأحرارُ عضَّ النَّوائبِ
لقد سنَّ للإنسان بؤسٌ وحظوةٌ ... كما سُنَّ للأياَّم نهجُ التَّعاقبِ
فتلكم صفات الدَّهر نورٌ وظلمة ٌ... وتعمير هذا الكون آتٍ بذاهبِ
تخفَّفْ من الأحزان بالحبِّ تارة ً... سينسيك في الآلام أنْسُ الحبائبِ
وداعبْ على التَّقوى فتاة حييَّة ً ... تواري جميع الحسن تحت الجلابِبِ
اتاها بديع ُالخلق عقلا وطيبة ً... ونالت من الأخلاق عالِ المراتبِ
لقد صاغها الرَّحمن طيرا لجنَّةٍ ... وحطَّت بها الأقدارُ فوق أجادِبِ
فيا زهرة الآمال تعبقُ بالرِّضا ... ويا معدن الأخلاق بنت الأطايبِ
إذا رُمتِ هذا القلبَ كوني صبورة ً... وإن كظَّك الإعسارُ والهمُّ عاتبي
فانِّي بهذا الشِّعرِ أبدو مودِّعاً... دعاني منادي الحَيْنِ للحين راقبي
أناخت بباب العيش عيسُ منيَّتي ... وقامت لعزف النَّعي جوقُ نوادبي
حنانيكِ هل تروين قبري بادمعٍ ... تنحِّي عن الملحود كرْبَ الغياهبِ
إذا بتُّ تحت الرَّدْمِ وجهي مُعفَّرٌ ... وباتت هوامُ الأرض تنهبُ جانبي
حنانيكِ دمعُ الحِبِّ رَيُّ حبيبهِ ... إذا دُسَّتِ الأكبادُ تحت الصَّلائبِ
تعزَّيْ عن الأحزان بالصَّبر والتُّقى ... فإنَّ رضا الرَّحمن أغلى المكاسبِ
وما يكسرُ الرَّحمن نفسا تقيَّة ً... وما يُخلفُ الرَّحمنُ وعدا لطالبِ
ولا يجمع الرَّحمن بُؤساً وشقوة ً ... على من قضى الأوقات خلف المَحارِبِ
م