عتاب لمفكري الامة الاسلامية
عبد الله ضراب الجزائري
مدخل الى القصيدة
يكفي لإزالة الظّلام من غرفتك أن تشعل المصابيح، ولو حاولت أن تزيله من دون ذلك بكل ما تملك من قوة وسلاح فانك لن تستطيع أبدا، وستجلب الخراب والدّمار لغرفتك، هذا شاننا مع الغرب، فيكفي لدحر استكباره وفساده أن نظهر ما في الإسلام من حق وتوجيهات حكيمة
وحلول رحيمة للمآسي التي أوقعتنا فيها المادية الغربية، وذلك واجب الكتّاب والدّعاة والمفكرين. فأين الكتاب والمفكّرون المسلمون من إشعال مصابيح الإسلام في هذا الظلام؟ بل يكفيهم إزالة القذى عن العيون، والحجب عن العقول حتى ترى بوضوح شمس الحق والحضارة الراشدة في هدى الإسلام الباهر، لماذا يهدر كتابنا ومفكرونا وإعلاميونا (كما نرى في الصحف والقنوات التلفزيونية) الوقت والفكر والورق في الأمور الهامشية في الدين والحياة، ويتجنبون المواجهة الفكرية المفروضة علينا من الغرب عقيدة وحضارة، اهو الريب، أم الجبن، أم الجهل بالإسلام؟
لماذا هذا الغَمْط للحق والقيم الإنسانية والحضارية التي يتميز بها الإسلام، والسكوت عن الأباطيل والمظالم والمفاسد والرذائل التي تنبني عليها الحضارة الغربية وتعمل على فرضها على الشعوب؟
لماذا لا يركز كتابنا ومفكرونا على القضايا الجوهرية في صراعنا الفكري مع الغرب خدمة للحقيقة بكل نزاهة وصدق وعدل؟
ومن القضايا التي أرى أنها جوهرية ما يلي :
ا/ إظهار أدلة بطلان الإلحاد والشرك و شواهد تحريف المسيحية واليهودية وكتبهما
ب/ إظهار الأدلة الفكرية والعلمية والواقعية على مصداقية الإسلام عقيدة وشريعة وإبرازه كمنهج منقذ للعالم من التردي والفساد الذي ألقاه فيه النمط الحضاري الغربي
ج/ القيام بتحقيقات موثقة بالأدلة التاريخية القاطعة عن ضحايا الحروب والمجازر والإبادة التي مارسها الغرب منذ امتلاكه القوة.
د/ القيام بدراسات موثقة بالإحصاءات والأرقام عن سرقات الغرب لثروات الشعوب قديما وحديثا
ه/ اظهار السرقات العلمية التي مارسها الغرب مع التراث العلمي للأمة الإسلامية بالأدلة التاريخية القاطعة
و/ التحقيق في وضعية الأخلاق، الأسرة، المرأة، في المجتمعات الغربية وأتباعها
ي/ بيان حقيقة الديمقراطية التي يتبجّح بها الغرب، هل هي حرية اختيار فعلية أم هي لعبة يحكما المال والنفوذ الصهيوني؟
هل حرية التعبير والتفكير مكفولة حقا في الغرب؟ فلماذا يقمع الكتاب والمفكرون عندما يظهرون بالأدلة العلمية أباطيل وأكاذيب اليهود (قضية الهولوكست مثلا) او ينتقدون فسادهم وظلمهم؟
هل حقوق الإنسان مرعية في التعامل الغربي مع الشعوب أم هي عنده وسيلة للضغط والتدخل لتحقيق مصالحه اللا انسانية خاصة مع الشعوب الاسلامية كما يفعل مع السودان وليبيا وسوريا؟......
هذه الأمور وغيرها مطروحة من طرف بعض الكتاب النزهاء حتى من الغربيين أنفسهم لكن حضورها الإعلامي خافت باهت فوجب على أهل الرأي والقلم من المسلمين أن يُجلُّوها للعقول اكثر بالتركيز عليها إعلاميا، إظهارا للحق ودحرا للظلم وفضحا للغش والتزوير.
والقصيدة تصب في هذا المصب
***
يا هادياً لِسَنَا الهداية يَنشُرُ ... في أعينٍ تبغي الهداية يكبرُ
عَلَمٌ يصولُ الحقُّ في أقوالهِ ... ويهزُّ عرشَ الكفرِ حين يُفكِّرُ
قد كنتُ ألمسُ في مِدادِكَ غِيرة ً ... وهداية ً تنمو به وتُبلوَرُ
يسري كنورٍ ضاربٍ بشعاعه ... نحو القلوب فتنتشي وتُنوَّرُ
يسعى بحجَّةِ ربِّه ورسوله ... ويلامسُ الرَّانَ الغليظَ فيُكسرُ
مالي أراهُ مائهاً ، مُتثاقلا ً... مُتغافلا ً، متساهلا، يَتعكَّرُ
يُطْرِي الشُّيوخَ مُنوِّهاً بِخلالهمْ ... بعلومهم وصلاحهم يَتندَّرُ
ذِكْرُ الشيوخِ الصَّالحين فضيلة ٌ ... مَن ذا الذي لشيوخه يتنكَّرُ ؟
لكن أنغرقُ في مناقب مَيِّتٍ ... وخلالُنا بحياتنا تتدمَّرُ ؟
فدَعِ المدائحَ للرِّجال فإنَّهم ... ذهبوا الى ربٍّ بفضله يغمُرُ
فجزاؤُهم عند العليم مضاعَفٌ ... والسَّعيُ منهم في الكتاب مُسطَّرُ
فهم الرِّجالُ سعوا على أرض البَلا ... فافعلْ كما فعل الرِّجالُ وشمَّرُوا
انظرْ بعقلك في جِوارك كم ترى ... من مُنكرٍ ورذيلة تتجذَّرُ
انظر فكم في الأرض من مُتهالكٍ ... في جهله وضلاله يتجرجرُ
كم مسلمٍ نسي الصِّراط فأدبرتْ ... خطواتُه ، في غيِّه يتعثَّرُ
ابعثْ مقالك في النُّفوس جداولاً ...تُحيِ القلوبَ فترتقي وتُطهَّرُ
ركِّزْ على جهل العدوِّ وظُلمهِ ... وخليقةٍ بفساده تتضرَّرُ
وادعُ العقول ترَ الحقائق في الدُّنا ...ودعِ الوجود لظلمه يتذكَّرُ
انفضْ غبارَ الوهم عن إفسادهِ ... أظهر بعلمكَ ما يُهيلُ ويَسترُ
فلَكَمْ تعالى الكفرُ في أيَّامنا ... والحقُّ يُدفنُ في الصُّدور ويُطمَرُ
آهٍ على الحقِّ المُغيَّبِ في الدُّنا ... من ذا ينيرُ به العقول ويُظهرُ
فالعلمُ في زمن الجحود مهانة ٌ... والعقلُ في عَفَنِ الأنا يتحجَّرُ
كم من كتابٍ في الحمى وصحيفةٍ ...للوعي والفهم السَّديد يُكدِّرُ
كم من أديبٍ حاذقٍ ومفكِّرٍ ... يرمي بيانَه في الهوى ويُبعثرُ
اللَّغوُ دَيدنُ من غفا عن دينه ... وغدا بليدا في التَّوافهِ يَمخُرُ
فلَكَمْ أضيقُ بكاتبٍ مُتعالمٍ ... بجهالةٍ تئِدُ النُّهى يتبختَرُ
ولَكَمْ أُغاظُ لعالمٍ متنوِّرٍ ... يُقصيه أربابُ الهوى ويُؤخَّرُ
ولَكَمْ أظنُّ بمؤمنٍ متعلِّمٍ ... من أجل حظٍّ زائلٍ يتحسَّرُ
اكتبْ لربِّكَ لا لبطنك يا فتى ... فاللهُ رزَّاقٌ يُنيلُ ويَقْدُرُ
العقلُ كنزٌ والبيانُ نفائسٌ ... أَوَ في المطامع والرِّياء تبذَّرُ ؟
كم من فخورٍ بالذي يأتي به ... يوم الحساب لسعيه يتحسَّرُ
الظَّرفُ يصرخُ : يا رجال تحرَّكوا ... خوضوا المعارك بالعقول ففكِّرُوا
هبُّوا ارفعوا بصرامة ونباهة ٍ ... دينا قويما في الرُّغام يُعفَّرُ
احيوا العقيدة بالبيان ورسِّخوا ... نجُّوا الأنامَ من الضَّلال وحرِّرُوا
أم تحذرون بني الغباء غباوة ً ؟ ... الله أولى من يُخافُ ويُحذرُ
يا قوم إنَّ الله ينصرُ دينَه ... فتجرَّدوا لِهُدَى العقيدة تُنصرُوا
يا قوم إنَّ الأرضَ تمخرُ في الوغى ... والإثم في جَنَباتها يتخمَّرُ
قوموا انشِلوا خَلْقا تفاقم بؤسهُ ... ردُّوا الذين تنكَّرُوا فتحيَّرُوا
قوموا ابعثوا نورَ الرَّحيم لتهنَأوا ... إنَّ الهنا دون الهدى يتعذَّرُ
الدِّينُ يهدي للأمان فآمنوا ... والكفرُ يرمي في المهالك فاحذرُوا
عفوُ الكريم لمن يؤوبُ مُيسَّرٌ ... فالله يرأفُ بالعباد ويعذِر