نزيف من جرح الثقة
بقلم علي عبد الله البسامي / الجزائر
ضيّعتُ في سفري كلَّ العناوينِ ...قد صرت ُمُغتربا في القُرْبِ والبينِ
ارضُ الحياة غدَتْ جرداء قاحلةً ... كلُّ الشُّهور بدَتْ عطشى كتشرينِ
غارت عزائمُنا في شقِّ مُعضلة ٍ... لا شيئ في زمن الأوهام يعنيني
ما كنت احسبُ انّ السّمتَ مصيدة ٌ... والحسنَ ليس سوى وهم ٌمن العينِ
ما كنت اعلم انّ العفّة انتحرتْ ... والصّدق عند بني الإيمان يُرديني
يا واعظا ذرفت قُحْلُ العيون به...روّى النفوس هدىً من منبر الدِّينِ
علّمتَ مجتمعا فن السُّموِّ وما ... علّمت ثاوية تحت الجناحينِ
غُرَّ البريئ بها فانبتَّ في كدَرٍ ...أرداه موقفه في العار والشِّينِ
ورّطتني ورطة الله يعلمها ... أقسى وأبشع من حزِّ الشرايينِ
أوردتني درَكا غيِض الأمان ُبه ... ضرُّ الشعور به طعنُ السّكاكين
أوجعتني وجعا الموت أهونُه ... فالقبر يسترني والموت يُحييني
أطفو وارسبُ في اعماء أخيِلة ٍ... مثل الشقيِّ جرى حول الطّواحينِ
فالعقل منهمكٌ يرمي قواه سدى ...والصّدر محتدمٌ مثل البراكينِ
أرى الوجود غدا قوسا موتَّرة ... بالصّدِّ والكلم المسموم يرميني
ماذا جنيتُ على ظهر الوجود فذا ... سِقْطُ المتاع من الأنذال يؤذيني
لولا بصيصُ هدى يسلو الفؤاد به ... لارتدّ كاهلنا للماء والطِّينِ
فالذّكر يمنحني حِضْنا ألوذ به ... ذكرُ الحساب غدا في الهمِّ يُنسيني
ذكرُ الرّحيم لنا انس ٌومكرمة ... يجلو الفؤاد ُبه نزغَ الشياطينِ
ربَّاه ما قرِمت نفسي لفانية ٍ... لا المال يُطمِعُني لا الحسن يغريني
رُمت ُالتُّقاة كما سنّ النّبي لنا ... فانسقتُ مُغتبطا خلف المساكينِ
قد تِهتُ في نفقٍ ساد الظّلام به ... ما عدت اعلم كيف الطَّعن يأتيني
الله سائلنا عما نحيطُ به ... والله حذَّرنا من شرِّ تخمينِ
أوصى العليم بأن نرضى اليقين وأن ... نسعى لغايتنا بالرفق واللِّينِ
فان همو كذبوا فالله يأجرني ... وإن همو صدقوا فالله يكفيني
انّا نثاب على غمٍّ نُصابُ به .. إن غالَ مهجتنا لدغ الثّعابينِ
انا نعود الى ربٍّ يُبصِّرنا .. لِمَ العناءُ اذًا خلف التَّخامينِ
كم صالحٍ فتكت هوجُ الظُّنون به ... كم عُيِّرتْ مُهجٌ شمُّ العرانينِ