عِلَّةُ الشَّخابيط في امَّة الاسلام
عبد الله ضراب الجزائري
هذه قصيدةٌ تضع النّقاط على الحروف ليرعوي الشّخابيط عن مضايقة الجزائر
***
ألا شدِّ المشاعرَ بالزِّمامِ ... إذا تاقَ الفؤادُ إلى الهُيامِ
فهل ترضى التَّغافُلَ بالتَّصابي ... وأمَّتُنا تُضرَّجُ بالكِلامِ؟1
نرى أهل الدَّنيَّةِ قد تمادوا ... وعاثوا في البلادِ وفي الذِّمامِ2
نرى شعبَ العروبةِ مُستذلًّا ... يُمرَّغُ في المهازلِ والطَّوامِي3
يخادعُه الأميرُ ويَعتليه ... ويورِدُه النَّكائبَ كلَّ عامِ
أميرٌ قد تنكَّر للسَّجايا ... فأضحى كالمساخرِ في الأنامِ
وهل تجِدُ الشُّعوبُ بصيصَ عِزٍّ ... إذا سكنَ التَّخبُّطُ في الإمامِ؟
إمامٌ مستبدٌّ في غرورٍ ... بلا نهجٍ يقودُ إلى المَرامِ
هوايتُه التَّمتُّعُ بالصَّبايا ... وأنواعِ اللَّذائذِ والطَّعامِ
ولا يدري لحُكمِ النَّاس معنى ... سوى معنى التَّسلُّطِ و اللِّجامِ4
ولكنْ لليهودِ له سجود ٌ... يُؤدَّى في خُشوعٍ وانْسِجامِ
يُناجيهمْ على فُرُشِ الدَّنايا ... بِكُمْ عَرْشي يُثبَّتُ ، واعْتِصامي
ألا إنَّ الملوكَ قَطيعُ حَمقى ... يَدِبُّ على الدَّنيَّة والملامِ
يسوقهمُ اليهودُ إلى المخازي ... كأسرابِ البهائم والهَوامِ
يفُكُّون النَّوازلَ والقضايا ... بتدبيرٍ كتدبيرِ النَّعامِ
لهم في الحكم زيغٌ من خبالٍ ... يورِّطُ في المذلَّةِ والظّلامِ
لقد نشروا المآسيَ في بلادٍ ... أوَتْ خيرَ المكارمِ والكِرامِ
رمَوْا يَمَنَ السَّعادة بالرّزايا ... فأُغْرِقَ في المآتم والحُطامِ
طفولتُه تشيبُ من البلايا ... وعزَّتُه توارتْ في الرُّكامِ
سَلُوا عنه الجياعَ وقد أجابوا ... بما يُغني العقولَ عن الكلامِ
سَلوا صَرعَى الوباءِ ومن ترامَوْا ... على دربِ المنيَّةِ في الخيامِ
سلوا وجَعَ الأراملِ والثَّكالى ... ومن عانى التَيَتُّمَ في الفِطامِ
سلوا الصّومالَ عن غدرٍ وقهرٍ ... سلوا صرعى التَّآمرِ في الشَّآمِ
سلوا ليبيا التي ضاعتْ وباتتْ ... يُهدِّدها مصيرُ الانقسام
شخابيطُ الخيانة دمَّرونا ... ألا تبًّا لأعرابٍ طِغامِ
طبيعتُهمْ فجورٌ في غرورٍ ... ودينُهم التَّبجُّحُ بالحرامِ
لقد زعموا التَّحكُّمَ في الفضاءِ ... كمحمومٍ يُهلوِسُ في المَنامِ
ألا يا أتفه السُّفهاء تبًّا ... وسُحقاً في الوجود على الدَّوامِ
تضُخُّونَ الرُّيوعَ بلا حسابٍ ... لأعداءِ العقيدةِ والسَّلامِ
وأبناءُ العروبةِ في عناءٍ ... يُدارونَ المجاعةَ بالصِّيامِ
تبجَّحْ يا عدوَّ الله واكذبْ ... رِياؤُكَ من شعورِ الإنفصامِ
صيصدِمُكَ الوعيدُ الحقُّ يومًا ... وتشقى بالمواجِعِ والسِّقامِ
ستُردَمُ في التُّرابِ بلا أنيسٍ ... ولو شيَّدتَ قصرَكَ في الغَمامِ
ألا فَكِّرْ وفَكِّرْ ثمَّ فَكِّرْ ... على حالِ الجلوسِ وفي القيامِ
فإنَّ العيشَ هشٌّ ذو حُدودٍ ... فقد تلقى المنيَّة بالزُّكامِ
وقدْ يُرديكَ أقربُ من تراهُ ... وفِياًّ ، بالسُّمومِ أو الحُسامِ
وقد تَهْوِي بِجسمِكَ هِيلِكُبْترْ ... فتُمسي كالكرانِفِ في الضِّرامِ
وقد يأبى الرِّجالُ هوانَ شَعبٍ ... فتهلك في التَّناوشِ والصِّدامِ
سمومُكَ في فؤادك مُهلِكاتٌ ... سيقتلك الدَّفينُ من القُتامِ
تكبَّرْ ، سوفَ تهلكُ ثم تُبعثْ ... وتُعْفَسُ يومَ حَشْرِك في الزِّحامِ
***
طبيعتُنا السَّماحةُ والوِدادُ ... نَعِفُّ عن العداوةِ والخِصامِ
ولكنَّ الأذى أضحى سِهاماً ... تطاردُنا بأوتارِ اللِّئامِ
فأذيالُ الصَّهاينة استبدُّوا ... أرادوا أن نُكَبْكَبَ في الحِمامِ
يُهدِّدنا العميلُ ولا نَراهُ ... سوى ذيلاً يُعفَّرُ في الرُّغامِ
جزائرُنا الأبيَّةُ سوف تبقى ... كَطودٍ في الهَزاهِزِ واللِّطامِ5
تقاومُ من يخونُ وتزدريه ... على رغم النَّقائصِ في النَّظامِ
وتُلجِمُ كلَّ شخبوطٍ خَؤونٍ ... بِجيشٍ باسلٍ حرٍّ لهامِ6
فإنَّ الجيشَ شعبٌ في بلادي ... وإنَّ الشَّعبَ جيشٌ في الأمامِ
يصدُّ الكائدينَ بكلِّ كيدٍ ... ويحمي في المعامعِ كلَّ حامِي
ألا أينَ البواسلُ في خليجٍ ... غدا داءَ الهدايةِ والسَّلامِ ؟
ألا كفُّوا الشَّخابط عن حِمانا ... ولا تُذكوا العداوةَ بالتَّعامِي
***
هوامش :
1/ الكلام: الجراح
2/ الذمام : الحرمات
3/ الطّوامي : الطامات من المآسي
4/ اللجام : أي الجام الرعية واسكاتهم
5/ اللطام : الصراعات
6/ لهام : كثير العدد