عادت الجاهلية الاولى
بقلم عبد الله ضراب الجزائري
***
تَخْفَى الفواصلُ بين الجدِّ واللَّعِبِ ... كم ينتجُ الرُّزءُ عن لهوٍ وعن ذَرَبِ
بعضُ الطبائعِ كالبنزين قابلةٌ ... للإشتعال بأدنى القدْح واللّهَبِ
ألوم نفسي على بعض الحروف فقدْ ... تؤذي الأحبةَ عند البُهْمِ بالرِّيبِ
أنا شغوفٌ وذو قلبٍ يميل إلى ... ما في الطّبيعة من حُسنٍ ومن أدبِ
لا أقصدُ الضرَّ أو أنوي الأذى أبداً ... إنِّي بريء ٌمن التّكدير والشَّغَبِ
ذنبي الكبيرُ دعاباتٌ أبوح بها ... وتلك عادة أهل الشِّعر في العربِ
لكنَّ في النّاس أمراضا وأمزجةً ... حمقاء توقع في الأوهام والغضبِ
من كان يدري بأقدارٍ مخبَّأة ٍ... من كان يحسب للأرزاء والكُربِ
قد فوجئ القلبُ بالبلوى تمزِّقه ُ... فما تحمَّل رُزءَ الواقعِ الخَرِبِ
لقد تَشَظَّى فُتاةً من مَواجعهِ ... وصار ينزفُ مثل السَّيلِ في شَخَبِ
أوّاهُ أوّاهُ من دهرٍ نعيش بهِ ... جمِّ المواجعِ والأرزاء والعطَبِ
فالدين أضحى طقوسًا لا أصول لها ... تُفضي إلى الظُّلم والآفاتِ والنِّكَبِ
يُبيحُ في الوهمِ أرواحاً مُقدَّسة ً... قد صار منبعَ ما في الأرض من وَصَبِ
والعادةُ انتصبتْ في وعينا صنمًا ... كم عابدٍ بدعاوى العِرْضِ للنُّصُبِ
إنِّي لأمقتُ ألبابا تميلُ إلى ... قتل البراءة باسم العِرضِ والحسَبِ
أين الهداية ُ؟ أين النّورُ في مُهجٍ ... قست فصارت كمثل الصّخر والحَطَبِ
أين السّماحة فالإسلام دين ندَى ... يدعو إلى الحبِّ في أخلاق خير نَبِي
إنّ الجهالة قد سادت وقد حَكَمت ْ... والنُّورَ يُحبسُ في الأذهانِ والكُتبِ
فالوَأْدُ يَهْتصِرُ الأرواحَ في صَلَفٍ ... والشِّركُ أشنعُ من بَلْوى أبي لَهَبِ
فالجاهليةُ في الأذهانِ راسخة ٌ... سادتْ طباعُ وحوشِ الغابِ في العَرَبِ