فلتعذريني
بقلم الشاعر عبد الله ضراب الجزائري
***
تحنُّ نفسي إلى نفسٍ تُناغمُها ... كما تحنُّ صحارانا إلى الوَدَقِ
لكنَّ قلبي يعيشُ القحطَ مُحتسباً ... فلا بشائر أمطارٍ على الأفُقِ
إنْ شاخَ عودُك عن عَوْمٍ يُخلِّصُهُ ... في غاربِ العشقِ لا تُقدمْ على الغَرقِ
فالعشقُ في الشّيبِ ضرٌّ لا دواءَ لهُ ... يشوي الفؤادَ بحرِّ الشّوقِ والشّبقِ
حبُّ المُحالِ مُحالٌ في شريعتنا ... لِمَ التّهافتُ في الآثامِ والنَّزَقِ
لا يكسبُ المرءُ من عِشقٍ بلا أمَلٍ ... سوى تعاسة َطولِ الحزْنِ والأرَقِ
ستُّون حولاً فما تُجدي صَبابتُنا ... الجسمُ أضحى كأشجارٍ بلا ورَقِ
فمن تَميلُ إلى شيبٍ وضَعضَعة ٍ... إلا صواحبُ غدْرِ الغشِّ والمَلَقِ
لا تعشقنَّ إذا ولَّى الشَّبابُ فما ... عِشقُ الشُّيوخِ سوى نوعٌ من القَلَقِ
فلتعذريني فإنَّ القلبَ في شُغُلٍ ... لا أستطيعُ حبالَ العِشْقِ في عُنُقِي
لم يبقَ في العيش ما أمضيهِ في عَبثٍ ... لن أتبعَ النَّفسَ حتّى آخر الرَّمَقِ
عندي الحلالُ وعندي الطُّهْرُ يَكلؤُني ... أعوذ بالله من طيشٍ ومن زَلَقِ
حُسْنُ الطّبيعةِ يُرضي النَّفسَ يُؤنسُها ... فليعشقِ القلبُ حُسْنَ الشّمسِ و الشَّفقِ
وليعشقِ الوردَ يزهو في حدائقهِ ... وليعشقِ البدرَ يسبي الروحَ في الغَسقِ
تذكَّرِ الحورَ في الجنَّاتِ هيَّأَها ... ربٌّ شكورٌ لأهل العفَّةِ الصُّدُقِ