صيامُنا تربية ٌ
بقلم الشاعر عمر بلقاضي / الجزائر
***
حلَّ الصِّيامُ فحلَّ الخيرُ والأملُ ... شهرُ الإنابة قد قَرَّتْ به المُقَلُ
شهرٌ أرادَ به الرّحمنُ تربية ً... للنّفسِ ، فالنّفسُ قد يودي بها الخَلَلُ
إنَّ الصِّيامَ فِطامٌ للنُّفوسِ فلا ... يُزري بها الشُّرْهُ والأهواءُ والعِلَلُ
فالإمتناعُ لوجهِ اللهِ مَكرُمة ٌ... به الإرادةُ في الأرواح تَكتملُ
هو الزّمامُ الذي يحمي النُّفوسَ إذا ... طاشتْ رَغائِبُهَا أو صابَها عَجَلُ
هو السّلامُ إذا قلبُ الفتى فَتكَتْ ... به الضّغائنُ والأحقادُ والدَّغَلُ
هو السّخاءُ إذا الألبابُ طوّقها ... رانُ الأنانية العميا لمنْ بَخلُوا
هو الإنابة من زيغٍ ومن كسلٍ ... يَقوى به الرُّشدُ والإيمانُ والعَملُ
الصّومُ موسمُ إيمانٍ يُبصِّرُنا ... يهدي إلى الله من طاشتْ به السُّبُلُ
صبرٌ وبرٌّ، زكاةُ النّفسِ غايتُه ... به التُّقاةُ إلى الرِّضوانِ قد وَصَلُوا
ويح الذينَ عَمَوْا عن سرِّهِ فَغَوَوْا ... باللَّغوِ واللَّهوِ في أياّمه غَفَلُوا
ظنُّوا العبادة َعاداتٍ تَهيمُ بها ... في الجيلِ أفئدةٌ إسلامُها خَبَلُ
فالصّومُ عند سوادِ النّاسِ مَفسدة ٌ... يَطغى عليه غباءُ اللّهو والأُكَلُ
ترى الجموعَ كمثلِ العيسِ سارحة ً... تقفو الرّغائبَ ، لا تقوَى ولا وَجَلُ
تُبذِّرُ الشّهرَ في لهوٍ وفي جَشعٍ ... فكيف يُفلحُ من ضَلُّوا ومن نَكَلُوا
لذلك ارتطمتْ في الذُّلِّ أمّتُنا ... أودى بها الطّيشُ والإسفافُ والخَطَلُ
ضاعتْ مآثرُها في لوثةٍ غَمَرتْ ...فالدِّينُ أفسدَه بالجهلِ من جَهلُوا
الذِّكْرُ يَصدعُ بالآياتِ يُرشدهمْ ... والقومُ في غمراتِ التَّيهِ ما عَقلُوا