روحُ القصيدة
عمر بلقاضي / الجزائر
***
الشِّعرُ شِعرٌ بأوزانٍ وقافيةٍ
ونُبْلِ قَصْدٍ من الأخلاق والحِكمِ
ليس القصيدةُ أقوالاً مُلفَّقة ً
باسْم الحداثة تُرْدي الشِّعرَ كالوَرَمِ
ما بالُ قومٍ أحالوا الشِّعرَ مَهزلةً
لَغْوًا قبيحًا خَلِيًّا من سَنَا القِيَمِ
يُبذِّرونَ حروفَ الضَّادِ في هَذَرٍ
كمنْ يُغَنِّي بِفُحْشِ القولِ في الحَرَمِ
الشِّعرُ قَوْلَبَةٌ للقولِ مُغرِيَةٌ
تدعو القلوبَ إلى الإحسان والكرَمِ
تُذكي المشاعرَ تُحي الوعيَ آيتُها
حُسنٌ من القولِ في حسنٍ من النَّغَمِ
إنَّ الذين أرادوها مُبَعثرَةً
جرثومةٌ أوهنتْ مَبناهُ بالسَّقَمِ
يا زاعمَ الفَهْمِ في نظْمٍ تُبعثِرُهُ
الفهمُ يُقطفُ من منظومة الكَّلِمِ
إنَّ الثقافةَ لا تُجدي إذا فُصِلتْ
عنِ الأصالةِ في الأقوامِ والأممِ
ماذا تفيدُ أساليبٌ مُقلَّدةٌ
إذا تلاشى قريضُ النُّورِ والشِّيَمِ
إنّا نرَى اليومَ أفهامًا مُفرَّغَةً
من مُحتواها تساوي الصِّفرَ في العَدَمِ
الرُّوحُ والنَّفسُ والألبابُ تائهةٌ
تَنْبَتُّ في الزَّيغِ والإفلاس والظُّلَمِ
آهٍ وقالوا عمى التَّفجيرِ مدرسةٌ
فالفهمُ عندهمو يُفضي إلى الرِّمَمِ
تَبَّتْ يداكَ أيا جيلا بلا ثِقةٍ
مُستهتِرًا بجليل الفضلِ والنِّعمِ
يرمي كنوزًا لحرْفِ الضَّاد قدَّرها
عقلُ الحصافةِ والأنوارِ من قِدَمِ
ويَقْتَفي الوهمَ في غَرْبٍ يُكِنُّ لَهُ
كلَّ الضَّغينة والأحقادِ والنِّقمِ
فالشِّعرُ أمسى سخافاتٍ يُدِلُّ بها
قومٌ ذيولٌ بلا عزٍّ ولا هِمَمِ
قمْ للأصالةِ في الأشعار مُبتعداً
عن الدَّنيَّة في الإسفافِ والصَّمَمِ
لنا كيانٌ جليلٌ لا شبيهَ لهُ
في الحرْفِ والدِّينِ والأخلاق والقلَمِ
لنا الصَّدارةُ في فكرٍ وفي أدَبٍ
يا من تركتمْ سبيلَ العزِّ والقِمَمِ
تُقلِّدونَ وفي التَّقليدِ مَنقصةٌ
تُبقيكمُ الدَّهرَ تَحتَ الكفِّ والقَدَمِ
عودوا إلى قيَمٍ عِشْنا الشُّموخَ بها
يا من نزلتمْ إلى الأغوار والرَّدَمِ