السّعادة
عمر بلقاضي / الجزائر
***
سَعادةُ المَرْءِ إيمانٌ يعيشُ بِهِ
ويملؤُ القلبَ رُغم الضرِّ والألمِ
ريب القلوبِ شقاء لا دواءَ لهُ
إلا اليقينُ وحُبُّ الخيرِ والشِّيَمِ
أهلُ المكارمِ بالإيمان قد سبَقُوا
نالوا جلائلَ ما في العيشِ من نِعَمِ
جادَ الإلهُ عليهم بالهُدَى فهُدُوا
واسْتقبلُوا العيشَ بالأخلاقِ والحِكَمِ
ما ضيَّعوا العُمْرَ في لهوٍ وفي عبَثٍ
ما أتلفوا العقلَ في الأهواءِ والظُّلَمِ
نِعْمَ القلوبُ التي ترضى بواجِبها
فتعبدُ اللهَ قبل الموتِ والنَّدَمِ
يا من تريدُ هناءَ العيشِ مُتَّبعًا
هوَى الجَوانِحِ في طيشٍ وفي صَمَمِ
راجِعْ مَسارَك إنَّ النَّفسَ يُسعِدُها
نورُ العقيدةِ والأخلاقِ والقِيَمِ
إنّ الرّغائبَ لا تُغني العَنيدَ إذا
خاضَ المعيشةَ في غيٍّ وفي غَشَمِ
بل قد يكونُ مُرادُ النَّفسِ مُوبِقَها
في البؤسِ واليأسِ والآفاتِ والسَّقَمِ
حتّى وإنْ سَلِمتْ فالموتُ غايتُها
ماذا تُساوي المُنى في حُفرَةِ الرِّمَمِ ؟
سِرُّ الحياةِ كتابُ الله يَكشفُهُ
فالرُّوحُ تَمتدُّ لا ترْسُو على عَدَمِ
وما المعيشة إلاّ دارُ مُمْتَحَنٍ
بها يُدَحْرَجُ أو يأوي إلى القِمَمِ
إنَّ الحَريصَ على الأهواءِ إن سَقطَتْ
بهِ الرَّغائبُ يقضي العُمْرَ في الوَهَمِ
يَسعى ويكدحُ في زيفٍ وفي لَهَفٍ
حتَّى يُكَبْكَبَ تحت الصَّخْرِ في الرَّدَمِ
العيشُ يرفعُ في جنَّاتِ خالِقنا
أو يُوبِقُ النَّفسَ في قَعْرٍ من الحِمَمِ
إنَّ السَّعيدَ الذي عاشَ الحياةَ بما
يُنْجِي ويُكرِمُ يومَ الفرْزِ في الأُمَمِ
راقبْ فؤادَكَ لا تُهملْ هواجسَهُ
أعتى الكبائرِ مَبداها من اللَّمَمِ
واذكر بأنَّك في الأيَّامِ مُمتَحَنٌ
فاصنعْ مصيرَكَ بالإيمانِ والهِمَمِ
لا تَركننَّ إلى الأهواءِ في ضَعَةٍ
الغَيُّ يُفضي إلى الخُسْرانِ والرَّغَمِ