وخزات لشيوخ الأهواء
عبد الله ضراب الجزائري
هذه وخزة نصح أصوِّبها نحو بعض علماء الأمَّة
الذين تحمَّلوا أمانة هذا الدين بالعلم الذي يحملونه والمنصب الذي يشغلونه ، وبدلا
من أن يكونوا رؤوسا في زمرة التَّنوير والدِّفاع ، صاروا ذيولا في عير الزيغ
والابتداع ،حرصا منهم على الجاه والمنصب والمتاع ، فصافحوا الأيدي الملطَّخة بدماء
المسلمين في أفغانستان والعراق وفلسطين ، وظاهروا الصَّهاينة على ذبح المسلمين في
السودان وليبيا وسوريا ، وأحدثوا في الدين بإتباعهم للملوك العملاء ما ليس منه في
شيء ، بل هو تحريف له وتبديل ، ولا حول ولا وقوة إلا بالله .
***
عَلامَ الخوفُ والجَزَعُ ... وهذا العيشُ مُنقطعُ؟
نفوسُ الشرِّ هاوية ٌ ... وذاتُ الخيرِ تَرتفعُ
أخي في الله حقَّ لكمْ ... علينا النُّصحَ فاستمعُوا
فهذا العيشُ مزرعة ٌ ... ليوم الدِّين تنزرعُ
وعبد الله مرتهنٌ ... بما يأتي وما يَدَعُ
فعرشُ المالِ والحسَبِ ... بموت العبد يتَّضِعُ
فثُبْ لله قد جَمَحتْ ... بك الأهواءُ والنُّزَعُ
أتفتي النَّاس من عمَهٍ ؟ ... بهدمِ الدِّين تضطلِعُ ؟
أتبغي المدحَ من سَفهٍ ... حداك الجهلُ والطَّمعُ ؟
تسوقُ القولَ مُلتبَساً ... جَواهُ الزَّيغُ والبِدعُ
تُجيزُ القتلَ بعد زِناَ ... بأجرِ القرضِ تنتفعُ
وترضى حيلة ً لربا ... كأهلِ السَّبتِ إذ خدَعُوا
حدودُ الشَّرعِ واسعة ٌ ... فهل للفسقِ تتَّسِعُ ؟
أبحتمْ رشوة ً فدَحتْ ... إذا مِلتمْ فمن يَزعُ ؟
أجزتم خُلوة ً حرُمتْ ... وذا عذرٌ لمن وقَعُوا
إذا زلَّ الغريرُ غدا ... ينالُ الإثمُ من دفعُوا
دهنتم قربة ً لعدى ...لحربِ الدِّينِ قد جمعُوا
سعوا للكفرِ في وَضَحٍ ... وشرعَ الله قد وَضعُوا
ومن فاضت مثالبُهُ ... أبالتَّدهين يَرتدعُ ؟
أيرجى الخيرُ من فِئةٍ ... وسمَّ الغربِ قد رضعُوا ؟
أما شاهدتَ من نكَلُوا ... لنُصْبِ الجاه قد ركَعُوا ؟
فصاروا عبرة ً صَرخَتْ ... مِنَ الإخزاءِ كم كرَعُوا
ألا أين اليقينُ إذاً ... إذا عُذتمْ بمن قَمَعُوا ؟
عمودُ الدِّينِ مُنبطحٌ ... أبالتَّحريف يرتفعُ ؟
وباءُ الفسقِ مُنتشرٌ ... أبالترخيص يندفعُ ؟
ألا إنَّ الحساب غدا ... ففوزًا للذين سعوْا
ألا إنَّ النَّجاةَ هُدًى ... فسقيا للذين وَعَوْا
وربُّ العلمِ مُؤتمنٌ ... فقُرباً للذين رَعَوْا
وبُعداً للذين سَفَوْا ... ومن زاغوا ومن طَمَعُوا