جرّةُ الأهواء والأطماع
عبد الله ضراب الجزائري
***
هذه قصيدة في النقد السياسي الديني ، اعني بها قوما أنستهم دينَهم بهارجُ الكراسي والمناصب ، وطاشت بهم الاهواء والأطماع في المخازي والمعاطب ، فصاروا يصدون عن سبيل الله بالصراعات والمثالب ، فزادوا في ضعف امتنا التي أوهنتها الخيانات والنوائب
***.
يا صاحبَ الجرَّةِ المغموسِ في العِللِ ... عبِّئْ جُريرتك المُزجاة بالأملِ
املأْ جوانحَها فخراً وبهرجة ً ... حمِّسْ شواربَها في السَّمن والعسلِ
وافِق ْ ، وعانق ْ ، وسابقْ في مطامعها ... نمْ مثل طفلٍ على الأحضان والقُبلِ
نافسْ ، وعافسْ ، ودحِّسْ كلَّ مكرُمةٍ ... بعِ دينكَ الحقَّ بالحلواء والحُللِ
سَفسِطْ ، وفرِّطْ ، وخلِّطْ في معاجنهمْ ... وارِ الشَّريعة بالتَّسييسِ والدَّجلِ
آهٍ عليك إذا استيقظتَ مُندهشاً ... وقد رمتك صروفُ الدَّهر بالرَّكَلِ
آهٍ عليك إذا ملُّوكَ وانقلبوا ... والطفلُ يعبثُ بالألعاب من مَلَلِ
آهٍ عليكَ وقد حاقَ الفسادُ بك ... ودبَّ نحوك غولُ الخزي والخَلَلِ
آهٍ عليكَ وقد شفَّتكَ قارعة ٌ... وذاب شحمُك ما قد صار كالكُتلِ
قل لي بربِّكَ هل فكَّرت ثانية ً ... رغم المهانة في أسباب ذا الخَبلِ ؟
قل لي بربِّك يا وهما بأمَّتنا ... ما جرَّ قلبَك للآفات والعِللِ ؟
هل قد نسيت بأنَّ العيش عارية ٌ ... في الدَّهر يُحكمُ بالأقدار والأجلِ ؟
فهل غَوَيْتَ ؟ عروشُ الزَّيفِ زائلة ٌ ... والشَّأنُ يخلد للإيمان والعملِ
أكنتَ تكذبُ يا من كنت تنصحُنا ... أن نرفعَ الدين بالإخلاص في المِللِ ؟
أن نبذلَ النَّفس في إحقاق شرعتنا ... ونلزم الحقَّ في الأحياء والدُّول
مزَّقتمُ الشَّملَ بالأهواء ويحكمو ... جعلتم الدِّين أشتاتا من النِّحلِ
نقضتم العهدَ وانسقتم لشانئنا ... صرتم لدى القوم بالأطماع كالقُللِ
ستُكسرُ القُلَّةُ الخَرْقا إذا نَفذتْ ... منها الخِلالُ ، ويأتي الدَّورُ للبدلِ
الدِّينُ يا عَلَمَ الأوهام منتصرٌ ... رغم التَّخاذل والتَّهويم في الزَّللِ
الله ناصرهُ ، والله حافظهُ ... فليهلكِ الهائمُ المغرورُ في السُّبُلِ
أو فليتبْ فسبيلُ الله مشرعة ٌ ... صحِّحْ مسارَكَ قبل النَّزعِ والنَّقَلِ
أ صلح فؤادَك فالأطماع زائلة ٌ ... والله يفضحُ أهلَ الغشِّ والخَطَلِ
حرِّرْ مصيرَك من دنيا تحاصرُه ... دمِّرْ قيودَك بالإخلاصِ كالبَطَلِ