نزيف من جراح امّتنا
عبد الله ضراب الجزائري
تَهادَتْ بِنَا الأيّامُ سُودًا لَيالِياَ … وأمستْ حَوادي الرُّوح ثكلى بَواكِياَ
وعانتْ من الويلاتِ في كلِّ لحظةٍ … نفوسٌ رماها الغربُ بالظلم قاسياَ
فأضحى كلامُ القلبِ دمْعا مُرَقرِقا ً… وهذا نشيدُ الجُرحِ ينزفُ ناعياَ
وعُضِّي نيوبَ الدَّهرِ إنِّي لصابرٌ … مقيمٌ على الأشواك عُمْريَ راضياَ
ولن يسمعَ الأعداءُ منِّي تأوُّهاً … وإن كنتُ أقضي الّليلَ لله شاكياَ
وأخفي خلالَ الصَّدر والهمُّ طافحٌ … جراحا يفيضُ الآهُ منها سواقياَ
ألا ليت هذا الشِّعر يُسعف في الورى … ويروي إلى الأجيال ما قد جرى لِياَ
ولكنَّ قولَ الشعر يُلهبُ لوعتي … ويُذكي جمارَ الحزن في القلب ثانياَ
***
أَأَسْلُو وأرض الله تَمخُرُ في الوغى … ودين ٌيُجلُّ الله يَرسُفُ عانيا؟
أَأَسْلُو وهذا الكفرُ يُفرض عُنوة ً… ويُقسى على من قام لله داعيَا؟
أَأَسْلُو وشبلُ الضَّاد يَرطَنُ لاَحِنًا … ويُغريه أنَّ الرَّطنَ يَرفع عالياَ؟
أأسلو وجيلُ اليوم يجهلُ دينَه … ويغدو بمكرِ الغرب للفتك ضارياَ؟
ويُرمى إلى الإسفاف والفتك والخنا … ليبقى عديم النَّفع غِرًّا وخاوياَ
أأسلو وأمرُ العُرْبِ للغرب تابعٌ … وأمسى عن الإسلام والعدل نائيا؟
أأسلو ومُدْيُ الذَّبح تُشحذُ حولنا … وهذا ذبيحُ الغدر يلعب لاهيا؟
أأسلو وبنت الدِّين تُفضحُ في الدُّنا … فتبكي ولكن من يرقُّ لباكيهْ؟
أأسلو وصُلبانٌ تُقام بأرضنا … فتغوِي ببعض اللَّغو من كان غاويا؟
أأسلو وبغدادُ العريقة تشتكي … خِلافا وإخلافا وغدرا وغازياَ؟
أأسلو وسودانُ الشريعة رازحٌ … أتى الكفرُ يلوي اليومَ ما كان بانيا؟
أأسلو وصومالُ العروبة شاخبٌ … تَداعَى عليه الكفر فانهدَّ ذاويا؟
أأسلو وشيشانُ الأخوَّة في الهدى … طريحٌ يلوك الذلَّ في السرِّ شاقياَ
أأسلو وبَلقاني يُقَدُّ من الحمى … غدا في يمين الكفر والبؤس ثاويا؟
أأسلو وأفغاني تناثر شعبُه … قتيلا وخوَّاناً طريداً وطاوياَ؟
أأسلوا وسوريا المجد تسقط في الوغى … تَداعَى عليها الغدرُ من كلِّ ناحيه
أأسلو وبيتُ القدس ديسَ بخسَّةٍ … فأضحى جريح المَتْنِ في الأرض خالياَ؟
أأسلو وغزَّاءُ الشهادة حُوصرتْ … كأنَّ الرَّدى المسكوب لم يكُ شافيا؟
كأنَّ العِدى في الأهل خاب رِهانُهم … أذى خلطة الفُصفُور لم يكُ قاضياَ
أأسلو وليبيا العزِّ يُطعن عزُّها … بِنَوْكَى بني الأعراب طعناً مُغاليا؟
لقد بالغوا في الكيدِ والغلِّ والأذى … لقد أظهروا بالغدرِ ما كان خافياَ
أأسلو وصنعاءُ المكارم ِهدّها … عميلٌ بإسم الله يقفو الأعاديا
أأسلو وأشياخُ الشريعة قد غدَوْا … لدى أمَّة الصُّهيون جيشا مُواليا؟
إذا لم يَعِ الأشياخُ حِبكة ناقمٍ … فقلْ يا رؤوس الجهل صبِّي البَلاوِياَ
***
سَلَوْنا زمانَ النَّومِ واليوم أيقظتْ … طبولٌ لأهل الغلِّ من كان غافيَا
سبَابٌ لخير الخلقِ أدمى قلوبَنا … وذبحٌ لأهل الحقِّ قد صار عادياَ
ولكنْ إذا الويلاتُ حلَّت بدارِنا … صبرنا وكان الله عدلاً وكافياَ
وُعِدْنا بأنَّ النَّصر آت إذا طغوْا … فطوبى لمن يبقى شهيدا وحامياَ
ألا إنَّ عهد الله نصرُ بني الهُدى … فهل صار شعبُ الذِّكر للعهد ناسياَ
ومن أسلمَ الإخوانَ للظلم خاذلاً … سيغدو وبعد العارِ في الظلم هاوياَ